مسألة الوصول الى اعلى قمة تحتاج لاكثر من مجرد موهبة ربانية يصفق لها جمهور او ثمار مجهود مضني لساعات متأخرة من الليلة او حتى فرصة ذهبية للسطوع , النجاح يحتاج الى شغف الذهاب الى ما بعد كل الحدود و الحواجز بل و تحطيمها ببذل الدماء في سبيل الوصول الى مرحلة الخلود في المهنة و هذه هي رسالة احد روائع العام ..
Whiplash 2014
فيلم درامي موسيقي اخراج الصاعد داميان شازيل و بطولة المبدع جي كي سيمونز (الحائز على اوسكار أفضل ممثل ثانوي) تدور القصة حول شاب انظم الى كلية موسيقى فخمة تعد الافضل في مجالها في البلاد كطالب في مجال الطبول , يعاني الامرين لأقناع أستاذه المتسلط انه يستطيع ان يصل الى مرتبة العظماء في مجاله , ذلك الاستاذ الذي يستخدم كل الطرق المباحة و المحرمة لاخراج اسطورة حية يتحدث عنها الزمان من احد طلابه , الاستاذ (فليتشر) شخصية مستفزة يصعب شرحها في سطور قد لا توافقه في افكاره و قد تشمئز من طريقة تعامله مع طلابه و لكن بطريقة او بأخرى يملك مبرراته الشخصية لفعل ذلك لانه يملك ذلك الشغف و العشق الذان يسمحان له ان يذهب الى اللامعقول من أجل انقاذ موسيقى (الجاز) التي بدأت بالأنهيار مع مرور السنوات و قل الأهتمام عليها بسبب غياب ذلك الجنون التي تحويه رسالة هذه النوعية من الموسيقى (فليتشر) يريد احياء ذلك الجنون الكامن في كل طالب تحت يده لكي يبقي الجاز حية و ينقلها للاجيال القادمة و فعلا نجح الفيلم في ايصال الرسالة للجمهور بشكل رائع فهو نجح في لفت انتباهنا جميعا نحو الجاز بالساوندتراك الاكثر من الرائع الذي يجمل الفيلم طوال فترة المشاهدة .
بالحديث عن الموسيقى و السيناريو , بطبيعة الحال الافلام الموسيقية معايرها مختلفة بعض الشيء , فغالبا الفيلم يحتوي على عدة معزوفات بالتالي فهي دقائق مستهلكة من عمر السيناريو , لذلك هناك فاصل غير مرئي يقتضي العدل بين الحوارات و سريان القصة و بين المعزوفات الموسيقية حيث لا يصبح الفيلم بأكمله حفلة موسيقى او يسقط في فخ النقاد كفيلم موسيقي بدون موسيقى , في النصف الاول من الفيلم يصلك شعور معين ان الفيلم وقع في الفخ فالغالب على الامر هو اداء سيمونس الرائع و المعزوفات الممتعة و لا يوجد قصة تسير على نحو ثابت تخدم فكرة الفيلم , لكن النصف الثاني كان كفيل بالأقناع و الامتاع بكمالية الفيلم من ناحية الانتاج الموسيقي المتقن و المونتاج المذهل الذي تناول تفاصيل دقيقة كدماء عل الطبول و عرق في كل مكان في دلالات كسرت كل الحواجز لتخرج لنا تحفة فنية موسيقية أستطاع ان يتوغل بها المخرج الى نفسية المشاهدين من عدة جوانب انسانية و عاطفية و تعليمية عبر استعراض الانهيار النفسي لشخصية البطل و تخليه عن صديقته الذي قد تبدو تضحية انانية غير مبررة لكن هي منطقية بنظر شخص مستعد ان يخسر كل شيء لكي يصل لمستوى العظماء الذين يسعى الوصول إليهم وصولا الى الاسلوب التعليمي القاسي و الخطير الذي قد يصل الى هلاك الطالب اثناء الوصول الى حلمه .
جي كي سيمونس استحق لفوز في الاوسكار في جائزة أفضل ممثل و ليس ممثل دور ثانوي , ببساطة لان دوره يتوافق مع معايير الاكاديمية مثلما فاز الممثل البريطاني السير انتوني هوبكنز بجائزة أفضل ممثل في العام 1991 عن The Silence of the lambs و مشاهده لم تتعدى الـ 20 دقيقة بينما جي كي سيمونس مشاهده اكثر بكثير و مع ذلك ترشح لفئة الممثل في دور ثانوي و فاز بها بأستحقاق و هو لوحده استطاع جعل هذا الفيلم تحفة فنية موسيقية سنشتاق لمثيلاتها لسنوات طويلة قادمة .
8.5/10
مراجعة نقدية : محمد أنصاف انور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق