السبت، 7 مارس 2015

الرائعة الفرنسية Intouchables 2012 : لا تسير خلفي و لا تسير أمامي , فقط سر بجانبي و كن صديق حياتي البائسة


يقال ان الصديق هو الشخص الذي يعرف كل شيء عنك و مع ذلك يحبك , لا تسير خلفي فأنا قد لا اصلح لأقودك , و لا تسير أمامي قد لا استطيع ان اتبعك , فقط سر بجانبي و كن صديقي لنمشي سويا فتصبح حياتي البائسة سعيدة دون ان يعلم احدنا ما أثره على الاخر ..,

Intouchables 2012



فيلم مبني على قصة حقيقية تدور أحداثه حول رجل فرنسي فاحش الثراء (فيليبي) يتعرض لحادثة يصاب فيها بالشلل الرباعي , يبحث عن موظف منزلي لخدمته و يحصل على ذلك الشاب الاسمر قاسي الطباع (دريس) القادم من بيئة محلية لا تعرف الرحمة لكنه اعُجب به لانه الوحيد الذي لا ينظر إليه بنظرة شفقة بل يعامله بعفوية انسانية فقدها من كل من حوله من أهل و احبة و هنا تبدأ رحلة الصداقة الاستثنائية بقالب كوميدي لطيف جدا و بموسيقى متناغمة ترسلنا الى جمال باريس الساهرة , تلك المدينة التي تؤمن بواقعية الاحلام .



سيناريو فرنساوي اصلي و بسيط بعيد عن التعقيدات النفسية و التوجهات الدرامية الحزينة المتوقعة من فيلم من هذه النوعية بل بالعكس الفيلم قدم وجبة كوميدية استطعت بناء السيناريو بشكل يزيل أي تساؤولات تحيط الشخصيات , في النصف الاول من الفيلم كان بنظري ان العيب الوحيد في الفيلم هو عدم التطرق للحادثة التي تعرض لها الرجل و بالتالي فإن المشاهد يجهل حقيقة ما حصل للرجل و لكن مع مرور الاحداث التي اوصلتنا الى يقين تام ان المخرج يعامل الشخصية مثل معاملة (دريس) لـ (فيليبي) بعيدة كل البعد عن فخ الاستعطاف و الشفقة السلبية و اصبح اخر ما يهمني ان اعرف ماذا حصل للرجل حيث ان التركيز الكامل كان منصب على علاقة الصداقة الجميلة التي اعطت الرجل ضحكات حد القهقهة اخرجته من أسوء حالة نفسية قد يتعرض لها بشر , عفوية الحوارات كان لها وقع كبير على النفوس و نعومة الموسيقى التصويرية منحت الفيلم اجواء سحرية مفرحة نجحت في إيصال الرسالة بشكل رائع الى اعماق المشاهدين .



من ناحية محتوى القصة نفسه هذا الفيلم أعتبره الرد الفرنسي الإيجابي على قصة رامون سامبيدرو في الرائعة الإسبانية الاوسكارية The sea inside التي تناولت الموضوع من منظور درامي حساس جدا رغم اختلاف الحيثيات المحيطة للشخصية الرئيسة و ذلك بإن وضعية الفرنسي كانت أفضل مادياَ و بطبيعة الحال الوضعية المادية تلعب دور هام في حالات صحية ميؤوس منها مثل الشلل الرباعي لكن إيجابية الفيلم تتجلى بإن الصداقة هي علاقة انسانية عميقة و اكثر شاعرية من رومانسية عابرة لحظية تنتهي مع الوقت و تؤرق صاحبها بذكريات لا تساعد على رفع الحالة النفسية التي هي اساسة محطمة لرجل لا يحرق شيء من جسده الا رأسه , بعض الانتقادات التي حصل عليها الفيلم كانت بسبب انه تناول موضوع حساس بطريقة كوميدية و هو الشيء الذي لم يستسيغه البعض ممن ارادوا فيلم كئيب يحزن مشاعرهم بعيدا عن المنظور الايجابي التي عرض من خلاله الفيلم .!

واحد من أعظم الانتاجات الفرنسية عبر التاريخ

8.5/10

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق